Wednesday, 20 February 2013

شَوقٌ خَالِص ..

الرابِعة صباحاً ..  ملِلتُ تصَفُح الأنتِرنت .. قِراءة كِتابى .. سماع ألحان الجاز المُفضلة لي فى مِثل هذه الساعة.. هواء غُرفتى يتناقَص .. و الذكريات بدأت تتداعى أمامي كأنَه حَفلٌ فَخيم .. المدعوون كُثر .. و لَكِن الشراب واحِد .. شرابٌ وَردي .. مُثلَج يُغري الناظِرين
لَكِن طَعمُه لا يطيب إلا لِمُدمِنيه .. و أنا أدمنتُه .. كأَنَهُ خُلِقَ لإشرَبَه .. أطفأتُ نُورَ غُرفَتي .. و إسْتلقيت على سريري بِكامِل إرادتي .. إعلانا مني بتِرحابي بضيوفي و فتحى لِباب عقلي و رَوحى على مِصراعيه .. الظلام دامِس .. اللهُم إلا ضوءٌ خافِت يتسلل مِن شُباكى يَرسِم خطوطهُ المُتوازية على سَقفى .. هُدوووووووووء .. أسَمَعُ دقاتُ قلبي تتسارَع .. ها هُم قد أتوا جميعا .. صِور كبيرة أراها أمامي .. هذا أنا أولَ يومٍ رأيتُه .. و ها أنا هُنا أبكي فى إنتظاري .. و هذه الصورة لنا أول مرة يُحدثنى .. و تتاتبع الصور أمامي مُتشِحة بالزُرقة ... صورتُه و هو ينظُر إلى خِلسة بِطَرف عينيه .. صورة عينيه المُرتسِمة فيها " أُحِبُك " .. و أهَم صورة " صورتُه و هو صامِت "  ...  صورة ملأت فراغ الغُرفة.. صورة أَخِر لِقاء .. "كَم أتوق لِرؤياك"

 .. ضيوفٌ آخرون .. أصواتٌ بِرأسي ..
 صوتٌ باكي .. " لِماذا ؟ " ..
 صَوتٌ حانى " أُحِبُك " ..
 .. صُوت دافئ " أوَحشتنى "
.. صَوتٌ باسِم " عانِقنى "
 .. و أعلاهُم صَوتٌ حالِم " كُن لي " ..

تنهيدة ... أرهَبتهُم جميعا مُعلِنة إنتهاء الحَفل .. هيييييح

يتعالى فى رأسي صَوت أُغنية لطالما أبكتنى ولطالما كانت المزيكا المُصاحِبة لحفلات ذكريات سابِقة
 "Adele-Set fire to the rain " 
و لكِن لا شئ .. لا دموع ولا حتى آهات .. أين إحساسي بِها و أين إحساس أديل الذى لطالما و صفتَهُ بالعبقري .. أكان وهم ؟!
كَم ذُبتُ معها و بكينا معاً .. كَم أحسستُ أنها جُرِحت فَقط لتُغنى هَذِه الأُغنية لى أنا وحدى
فزعت لِفقدي إحساسي بِها و خُفت أن أكون فقدُت إحساسي بِحُبِه .. فزعي أنساني أن ضيوفى لِتوَهُم راحِلين ..
لَم أنسَه .. و لَم يَمُت إحساسي بِه ..و أتمنى أن لن يَمُت
و أيقَنتُ أني في مَرحلة ما بعدَ كُل شئ .. نسيان الآلام .. نسيان الجِراح جفاف الدموع و حنين للحبيب .. فقط حنين 
حنين مليئ بالحُب .. مُجرَد مِن كُل عِتاب 
وقتٌ كافى قَد مَر لإلتِئام الجروح .. و مَع وجود النَدبات .. إحساسي الآن .. شوقٌ خَالِص ..



Monday, 18 February 2013

جُمودٌ أفريقي ..

لَم تَكُن إنتفاضتى فجأة و إشتِعال فِكرة عابِرة فى رأسى مِن أجل لا شئ .. فقد تَعبُر مُحيطات واسِعة أو صحارى مُقفِرة من أجل أن تَتوصَل لشئ جديد .. قد يبدو لأحدهُم عادي ولكِن فى نَفسَك يُثير الكَثير .. فقد قررت فى الساعة الحادية و النِصف صباحا أنا أنزِل بمُفردي و لإوَل مَرة إلى شَارِع النبى دانيال العَتيق لإشترى كِتاب نصَحني بِه صَديق ..رغم إرتباطى بِموعِد فى الواحِدة و النِصف في مَنزِل إحدى صديقاتي و رُغمَ زحمة الطريق فى هذا الوَقت و خوفي أن أتأخر على صديقتى .. لَم أُرِد أن أفقِد حماستى و عَجَلّت فى تبديل ملابِسى و نَزَلتُ مِن بيتى و بدأتُ الطريق الذي لم أكُن مُتأكِدة بالضبط أنَه سيوصِلَنى إلى وِجهتى .. أَعشق إحساس التوهان و التَخبُط فى الشوارِع " كم أودُ أن أمشى فى كُل شوارِع محبوبتى الماريا " .. لم أتَعَثر كثيرا للوصول إلى المكان الذي أرَدتُه .. شارِع النبي دانيال .. مِن أقدَم شوارِع الأسكندرية .. شارِع طويل جدا .. يبدأ مِن محطة مصر و ينتهي بمحطة الرَمل " لَم أكُن أعلَم هذا قبل ذَلِكَ اليوم " .. شارِع تُجاري .. أكثر ما يُباعُ فيه و يُشترى هو الكُتُب .. قديمة .. حديثة .. مُستعملة .. جديدة .. كُل شئ .. سألتُ عن الكِتاب الذي بَدأتُ رِحلتى مِن أجلُه فلَم أجِدُه بحثتُ عنه طويلا بِلا فائِدة .. لَم أَرِد لشئ أن يَفسِد رِحلتى فإشتريت كِتابين .. و أسرَعتُ من مشيتي حتى ألحَق بِموعِدى فى الواحِدة و النِصف .. رَغم أنها لم تكُن تجاوزت الثانية عَشر و خَمسة و أربعون دقيقة و لَكِني شَعُرت بشئ ما يُنادينى .. سِرت في هذا الشارِع العتيق جِد مسرورة .. حتى بَلغتُ نهايته .. إرتئيتُ أن أستَقِل ما أذهَب بِه إلى صديقتى .. وَصلتُ قبل موعِدي بعشر دقائِق .. لَم أُرِد أن أباغِت صديقتي قبل موعِدي ب عشر دقائق فتكون غير مُستعِدة فآثرت الإنتظار فى مدخَل العِمارة .. العِمارة حديثة .. فى الإبراهيمية على البحر مُعظم سُكانها على ما أعتقِد طبقة فوق متوسِطة إن لم تَكُن أعلى .. كان فى المَدخَل إيضا سيدة إفريقية "خادِمة " ك اللاتى نراهُم الآن كثيراً فى المحِلات التُجارية .. لا أعتَقِد أنها تجاوزت الثلاثين .. كانت ترتدى جينز و قميص و مُتشِحة بشالٍ على رأسِها لا أدرى إذا كان حِجاب أو تَخفى .. فى المدخل يوجَد كُرسيين أمام مرآة كبيرة .. كانت السيدة تضع أغراضها على كُرسي و على الكُرسي الأخَر يَجلِس طِفلها الذي لم يتعدى الثلاث أعوام .. و فى الجِهة المُقابِلة يوجد مكتب حارِس العقار أمامَهُ كُرسي شاغِر .. دعانى الحارِس للجلوس و أشار إل أحد الكراسي فى المُقابِل .. فأشرت إليه إنها مشغولة و جلست على الكُرسي الشاغِر أمام مكتبِه ..قال لي بصوت جهوري " سيبيك مِنها  دى باردة! .. كُنتى قعدتى " لا أعلم إذا كانت فهِمَت كَلِماتُه أم لا و لكِنها فى هَذِهِ اللحظة نَظرت إليه و أدارت و جهها سريعا .. كانت السيدة مشغولة بإطعام إبنها العاصي الرافِض تماما لطريقتها العنيفة فى إطعامِه .. لَم يكُن يستجيب .. و كيف يستجيب طفل عِندَه ثلاث سنوات للأكل و أمُه لَم تفعل شيئاً لإطعامِه سوى الصَريخ بِه و العبوس في وجهِه .. أكادُ أُجزِم أنها من أكثر السيدات بؤسا اللاتى رأيتهِن فى حياتى .. و لم يكُن ذَلِك واضِحاً من هيئتها قدر ما كان واضِحاً مِن وجهِها و عُبوسِها و تجهُمها .. أما إبنها فهو مِثال للطِفل الإفريقي صاحِب الضَحِكة باعِثة كُل مباهِج الحياة فى النفس " يا إلهي كيف يلتقي كُل هذا الفَرَح و كُل هذا البؤس" .. الحقيقة إن هذا الولد أثار شفقتي جدا فهو كُل ما يَهُمَهُ أن يَلّعب و يَضْحَك غَيْرَ عَابِئٍ بمشَاكِل أُمِهِ مَع رَبَتها أو مع أبوه أو حتى بقسوة الحياة التى بدأ يتعرف عليها مِن خِلال جُمُود أُمُه .. و بدأت بالإبتِسامِ فى وجهِه حتى يستجيب لإُمِه .. أَفْتَحُ فَمي  .. فيفتح فمُه هو الأخَر فتدِس لَهُ أُمهُ الطعام و لَكنَهُ يتسّمر على هذا الوضع .. أُحرِك فمي كأننى أمضُغ الطعام يبدأ هو بفِعل نفس الشئ .. " يا لَهُ مِن طفلٍ جَميل " .. تكرر الموقِف أكثر مِن مرة حتى فَرِغَت أُمُه مِن إطعامِه .. وسط ذهول الحارِس مِن تصرُفى لإنهُ يراها كما وَصَفَها " باردة " فكيف أكون لطيفة مع إبن تِلك البارِدة .. الحقيقة ما أثار دهشتي أن السيدة لم تُدِر وجهها إطلاقا لِترى من تِلك التى تُداعِب إبنها و جَعَلتهُ يَفرُغ مِن طَعامِه .. هى لَم تُحرِك  رأسها أبدا رغم أنى متأكِدة أنها مُتأكِدة مِن أنى أُداعِب إبنها  !! ..ما كُل هذا الجُمُود .. و لِما؟!! .. أهو طَبْعُهَا ؟ .. أم  إنهُ طَبْع أفريقيا السّمرَاء ؟!! " أفريقيا تِلك القارة الرَحيبة البخيلة جِدا .. السخية جِدا .. تَعُجُ أرضَها بالذَهَب و الأحجار الكريمة و تَبخَل على سُكانِها بزخاتِ ماءٍ تَروي ظمأهُم " .. أم هى مَآسِي حَياة خادِمة و تغرُبها هي و طِفلِها و ما تلّقاهُ من مُعاملة  جَعَلَت مِنها حجراً .. أذهلتنى حقا ..  أكانَت غاضِبة مِنى لإنى أُداعِب إبنها و كأن لِسان حالها يقول " سيبيه ياخُد عالشقى " ؟!! أكانَت خائِفة مِن أن تُدير وجهها لي فأبتسِم لها و أُخرِجها مِن واقِعها المؤلِم الذى سُرعان ما ستعود إليه بمُجرد رَحيلى ؟! .. هل سيحتفِظ إبنها بهذهِ الإبتسامة ؟! .. أم ستُجبِرُه الحياة أن يُغير نظرَتَهُ لها ؟ ألِأراهُم و يُثار فى نفسى و عقلى كُل هذه الأسئِلة إنتفضُت فجأة و إِشْتَعَلَت فى رَأسى فِكرة أن أشْتَرِي الكِتَاب فَأذهب إلى صَديقتى مُبكِراً ؟! .. وجدتُ نفسى سابِحة في تأمُلاتى فى تِلك الأفريقية الجامِدة و طِفلها و سبب جُمُودَها .. و إنتفضُت فجأة لإنظُر فى ساعتى لإجِدُها الواِحدة و النِصف بالضبط .. حَمَلتُ حقيبتى و طَلَبْتُ المِصعد و أنا أنظُر إليهِم 
 .. مازال الطفل يبتسِم لي وهو يفتح فمُه .. و مازالت أُمَهُ فى جُمُودِها ..




Monday, 11 February 2013

خواطِر وردية :)

أُعلِن .. إستسلامى ..  رفعى لِكُل الرايات البِيْض ..
 ذوبانى فى ألحان عَزَفتها مِن أجلى .. و لوحات رسمتها فى شَغفى .. و كلِماتٍ كتبتها فى حُبى ..
مُلهِمى و مُشعِل الشَغف فى قلبى و الوَلَع فى نفسى ..
أودُ فقط ألا أفيق مِن ثُباتِى بين ضلوعَك و توحُد نبضى بِنبضِك و أنفاسى بأنفاسِك !
عالمنا هو ما صَنعناهُ نحنُ بخيالنا أما ما نعيشُه مِن واقعية فلا تُمثِلنى
دُنيانا فى كوكبٍ بِحارُه فيروزية و رِمالُه أُرجوانية وأشجارُه نَهدية
طيورُه تُغَرِد موسيقى الجاز و بساتينُه اللافندر و الفانيلا
و الصَمت .. الصَمتُ يا رفيقى .. صمتٌ لا نَسمَعُ فيه سِوى صوت سُكوتنا
و إقرأ معى أساطير الأولين و الأخِرين ..
و نأكُل فقط الكرز و التوت و الرُمان ..
و ننسى الناس .. كُل الناس .. و الأوجاع و الآلام و الأحزان
و نَكسِرَ القيود .. كُل القيود و نُسمى شوارِعنا الحُرّية
و فقط إجعلنى أتذَكَر ذوبانى بين أنامِلُكَ :)





" هذه الخاطِرة ألهمتنى بِها الموسيقى العبقرية لفيلم إيميلى "



سأنتَصِر !

أُفَكِر .. و أهدأ .. و أُعاوِد التفكير فأثور ..
يَعيبون عليّ إختلافى و لو شاء الله لخلقنا أمثالاً و أشباه .. أما أنا فيُثير شفقتى تشابُهَهُم !
تُضحِكَهُم نفس الأشياء و تُبكيهُم نفس الدموع .. و يعرِضوا نفس الإعراض و يثوروا لِنفس التَراهات .. لا لا إنَهُم لا يثوروا !
إنَهُم يفزعوا للتفاهات .. و يَكتُموا الحقائِق .. ولا يأخُذوا بالقياس فَهُم أُناسٍ بِلا ناتِج عقلى ..
يَبكون المَوتى و الموتى قُلُوبَهُم .. يستسلِمون لضياع أحلامَهُم التى هى شَرَفَهُم !
تتكلمون و تتحدثون و تُثرثِرون و تقولون و تَحكون و تَنسون فَضل السُكوت !
تعتادوا و تُقَلِدوا و تأنسوا بِكُل ما هو مُميت و تتناسوا أن الله خلقنا لنحيا و نعيش
و أصبحنا نحيا حياة .. ولا نَعرِف معنى أن تَكون كريمة ..
أحلامى .. طموحاتى .. آمالى .. لن أُضيعكُم مهما أشتد الظلام الذى أعيشُ فيه !
سأنتَصِر و تعلو رايتى فَوقَ كُل عَقيم !


Friday, 1 February 2013

بيتى و بيتكُم و كُل البيوت !

عملتى إيه فى الأجازة ؟!!
سؤال بادرتنى بيه طالبتى الأمريكية اللى بعلّمها لُغة عربية .. مكنتش قصدها أجازِة الصيف و لا أجازِة نُص السنة .. كان قصدها على أجازة أخِر الإسبوع " نُص الخميس و الجُمعة و الَسبت " .. لتالت إسبوع على التوالى تسألنى السؤال دا و ملاقيش إجابة مُرضية ليها ..
 !!!أصل بالنسبالها الأجازة حاجة مُقدسة " الله - الوطن - الأجازة " إزاى مبقاش بخرُج و بتفسح فيها يعنى !!
مرضيتش أقولها إن فيه شهرين عدّوا عليّا فى أخِر ترم فى الكُلية مخدتش فيهُم ولا يوم أجازة .. 60 يوم متواصِل بنزِل من البيت عشان أحضر مُحاضرات " مش محتاجة طبعا أَوصِف كمية الإرهاق اللى كُنت حاسة بيها " مش أنا بس .. أنا و كُل زمايلى فى الكُلية و الدكاترة اللى كانت بتنزل يوم الجُمعة عشان تشرح فى المُحاضرات دى .. طب  إحنا و العبد المأمور .. طب الدكاترة دى ليه مبتحترمش أيام أجازتها .. ليه متحترمش عقلها و جسمها و أسرِتها و تمنحُهم وقت و إهتمام .. إحنا ليه فى مصر مبنحترمش الأجازة ؟؟!! .. ليه ما بنتفسحش ؟!! .. 
من إسبوع سمعنا عن جريمة قتل حصلت فى إسكندرية لأُم قتلت طفلينها .. و السبب إنُهُم بيزنوا عايزين يتفسحوا !!! ممكن تكون  " دا   ظروفهُم المادية مش سامحة ليهُم و دا كان ضغط عليها عشان مش قادرة تحقق رغبتهُم  " دا مش مُبرِر دا تحليل ".
طب تعالوا نتكلم بصراحة كِدا .. مين فينا عارِف يُخُرُج بسبب الظروف اللى فيها البلد .. مُظاهرات كُل يوم و قطع طُرُق .. و لو مفيش مُظاهرات تحرُش فى الشوارِع .. ولو مفيش لا مُظاهرات ولا تحرُش برضُه مش حنُخرُج لإن دى ثقافتنا .. محدش بيقدر أهمية إنُه يفصِل و يريح جسمُه و عقلُه و أعصابُه .. التمشية عالبحر و لا عالنيل و لا لمّة حلوة فى بيت العيلة مش حتتكلف كتير .. بس حتفرِق معاك كتير ..
أُخرُجوا .. إفرحوا .. إتفسَحوا .. قَدِسوا الأجازة .. الأجازة تستحِق التقديس !