Monday, 18 July 2016

غَرَقْ

‏على صخور سوداء صغيرة تسير أقدامها الشاهقة البياض، تحت سماءٍ غائمة تتكوَّن الأمواج، تتابع في ضجيجها المعهود. لا تلبث أن تتخلّى عن كل إندفاعِها وتبدأ في التخلل بين الصخرات البركانية، بينما تُكمِل ما لطاقتها بقيّة لتنكسِر عند قدميها. ترتعِش وتشهق، في محاولة لأن تظفر بكل مُحيطُها من هواء علّه يضغط على ضلوعِها من الداخِل، فتنفجِر. 

تتمسّك بِوشاحها وتُدير ظهرها للماء لتغوص فيه خطوة بخطوة، بتأنٍ وثِقَل. يبتل فُستانها الرمادي ويبدأ في الطفو. تتقدّم أكثر فأكثر، بذات الهدوء والرصانة حتى يعلو الماء ركبتيها. ترفع عينيها لترى النوارس فاردة أجنحتها في الهواء. تتمسّك بِوشاحها الأسود وتفتح ذراعيها كفراشة في الهواء. تمِدُ عُنقها بتتلمّس ذرات المياه في قفاها. تغوص أكثر في مياه تزداد عمقًا تختل لتغمرها المياه.  تُغمض عينيها وتمسح وجهها، تعود لتفتحهم من جديد. تهز رأسها لتطرد المياه من أذنيها. تسير أكثر نحو الداخل حتى تصل المياه عُنُقها. 

تتمدد، كل شيءٍ فيها يطفو على السطح. تتنفس بعمق. تُراقِب الأدخنة المتصعِدة من البركان والنوارس المحلقة في انتظار فريسة تنقض عليها. تُغمِض عينيها. تعلو بِها الأمواج وتهبط، تغمر وجهها ويديها. تزداد سرعة الرياح فتُباغتها موجة كبيرة، يختل ذراعيها المفتوحتين يستقيم جسدها فتقف بلا قرار. تُحرك يديها بعصبية، بلا جدوى. تغطس إلى الداخل وتخرج تتتابع أنفاسها المتهدجة. تغمرها موجة أكبر؛ تغوص داخل المياه لترى نجوم صغيرة، أحمر وأصفر وأخضر وبنفسجي. تراهم في عينيها كأنها حلقات من نور تتداخل في بعضها البعض، تصغر وتصغر وتصغر حتى لا تلبث أن تتلاشى فتولد من جديد بلون آخر. تنجح في الصعود مرة أخرى ليقابلها دخان البركان والنوارس المترقِّبة. تعلوها موجة أخرى، فتهبِط. تنسى ذِكراه.. وتغرق.



No comments:

Post a Comment