Monday, 10 August 2020

السابعة ‏عشر ‏

يتردد صدى القرارات التي نتخذها في صبانا إلى الأبد. جزء من احترامنا لذواتنا الأولى هو تحمُّل تبعات تلك الحماقات. سيدة جميلة في الثلاثينات، تجلس في محاولة كاملة لاحتواء ذاتها. ليس ذلك الاحتواء الذي يخبرك عن قصور في ثقتها بنفسها ولكنه ذلك النابع من ثقتها بنفسها. الاحتواء الذي تمنع فيه أصغر إيماءة جسد طائشة أن تصرِّح بأي شيء عنها. 
إنها السهل الممتنع، توحي بساطتها أنها كتاب مفتوح بينما يؤكد صمتها أنها بئر محكوم. خفيفة الظل وسريعة القبول. يظن من يجالسها أنه أصبح صديقها، والحق أنها تزن كل حرف في عقلها ولا تنبس به شفتيها. حكيمة ورصينة ولا تتكلم ما لم تدعى لذلك. 
يخبرني ثقب أذنها الزائد أنها كانت مُراهِقة خفيفة، مُحِبّة لتقاليع الشباب، فعندما سألتها عنه أقتضبت بأنها قد فغلتها وهي بالسابعة عشر من عمرها. لم تكُن سعيدة بقرار حَلَق الأذن الزائد فيما يبدو، ولكنها كانت ملتزمة بِه تمامًا؛ ترتدي حلق دبلة على الدوام حتى لا تفقد ذلك الثقب إلى الأبد. 
اتسائل لماذا لا تتخلّى عنه؟! 
لماذا لا تخلعه وتنتهي تلك اللعبة؟! 
هل لنُبقي الذكرى؟! 
هل لتعيش معلقة على أسوار الأبدية؟! 
هل ليذكرها بسوء اختيارها المستمر؟! 
تُخفي عن الجميع أنها تُربّي طفليها بمفردها. نستنتج ذلك بعدما عرفناها لعامين. أتذكر في يوم سألتها أنا وصديقاتي عن قصة ووقوعها في الحب. أخبرتنا قصة مبتورة من كل التفاصيل البارز بها أنها كانت في السابعة عشر. 
لم تكن تعلم وقتها أنه عام الاختيارات غير الموفّقة.
 تحترم ثقب أذنها بالإبقاء عليه وتحترم زيجتها الفاشلة بالسكوت عنها. 



No comments:

Post a Comment