في صباها كان يُراوِدُها دومًا حُلم مقيت .. كانت تحلُم أنها كُلما حاولت التكلُّم يتلوّى لسانُها منها ولا تستطيع تطويعُه حتى تلفَظ ما تُريد كان الحُلم يُصيبها بالذُعر .. وكانت تصحو مُرتعِبة مُتعرِقة لاهِثة .. مُجرد رؤيتها لهذا الكابوس كان يُصيبُها بهذِه الحالة من الهلع ..
ولمِا لا ؟! .. فالكلام وسيلتها الوحيدة للتعبير عن ذاتِها .. لم يحبوها الله موهبة غيرُه .. طريقة ترجمة أفكارها ومشاعرها .. تُحِب الألوان ولا تفقه عنها شيء .. تُطرِبها الألحان ولا تعزِف منها نغمًا .. أما الكلمات .. فصديقتها الصدوقة .. القادِرة على توصيل كُل ما يجول بخاطِرِها .. كابوس كهذا قد يؤدي إلى تسارع نبضاتها وسحق كُل عظمة في جسدها على حدا .. لسانها لم يصيبُه مكروه حتى الآن .. ولكن .. ماذا يُفيد إذا كان سيقول ما لا يُجدي .. ماذا لو أن لسانًا سليمًا أستُخدِم مع صُم ؟! .. أو تحدث بلُغة غير مفهومة لمستمعيه .. أو مثلًا فُقِد الإحساس فأختفت الكلمات .. أو وُجِد الكلام والمُستمِع وأختفى الهواء .. الصوتُ لا ينتقِلُ في الفراغ .. تُرتِب الكلِمات في عقلِها .. تهِم بالنُطق بِها تتلعثم .. تنطِق فلا يُرد عليها .. تتأسف .. قد تقولها عشرُ مرات .. وفي نفسها يتردد صداها آلاف المرات .. الصوتُ لا ينتقِلُ في الفراغ .. الكلام أصبح يُزيدها وحدة .. فمن الردود تُدرِك كم أن أحدًا لا يفهمها .. الصمت يقتُلُها .. لم تعتد عليه ولم تعرفُه .. تارة تصمت .. تارة تصرُخ .. وفي الأغلب صارت تكتُب .. وبين الصمت والصُراخ .. يتلوّى لسانها ..
بجد وحشتينا.. ارجعي
ReplyDelete