كيف أُرثيك وجنة الخُلد مكانك، وكيف لا أُرثيك وأنت أعز عزيز وأغلى غالي، جدي الحبيب لازلت رغم مرور ثمان سنوات على رحيلك أتذكر رائحة عِطرك، لازلتُ أتشوق لأن أسير معك وأنا مُمسِكة بيدك " حتى عندما كُنت في السادسة عشرة من عُمري وأنا أشعُر أني في حرم زعيم شعبي الكُل يُسارِع للسلام عليه ومُحادثتُه والتبرُّك بِه وبحضرتِهِ، لازلت أتشوق لمشاكستك وتدليلك وأنا أقول لك " إنتَ زي القمر يا جدو " والحق أن القمر هو الذي يشبِهك، لازلت جدتي تحكي لي نوادرنا سويًا وكيف كُنت تمنعها من ضربي عِندما كنت أُبعثِر محتويات دولاب المطبخ من " دقيق وسُكر وسمن ومسحوق الغسيل " قائِلًا لها " إصنعي من المسكوب حلوى لنا " ، هل تذكُر يا جدي عِندما كُنت تأخُذني لنجلس سويًا في سان ستفانو على البحر وتشتري لنا ساندوتشات الفول ومشروب التيم، رغم أنني كُنت في الثالثة من عُمري إلا إنني لازلت أذكُر الكراسي الخشبية الزرقاء التي كُنا نجلس عليها، عندما كُنت تحرص على شراء خروف العيد لنا، وخروف أخر في الصيف لنلعب ونتسلى بِه على سطوح المنزل، عندما كنّا نفطر وكُنت تحكي لي أنت وجدتي عن تفاصيل زفافِكُم، كانت جدتي تصف التفصيلة وأنت تتهكم عليها وتصفها بشيء غير ما تقول، لازلت أُحب الشيخ أحمد نعينع في وقت الضحى كما كُنت أسمعُه في صباحات بيتك الدافِئة، صوتك وأنت تُرتِل القُرآن، ردّك علينا " هنرتاح في الأخرة كتير " عندما كنا نحثك على الراحة وعدم الالتزام بقيام الليل كما كُنت تحرص، ولكننا منذ وفاتك لم نعُد نُعد الزلابية بالعسل وحلاوة الدقيق كثيرًا، تجمُعات العيد تفتقِدُك وتشتاقك وتترحّم على تنويرك وتشريفك لها، عيناي تشتاق لرؤيتك على كُرسيك المُفضّل المواجه للباب وأنت تضع ساق على ساق وأنت تستقبلنا، كبرنا كُلنا يا جدي فأصغر أحفادك صار في الصف الثالت الابتدائي وأنا يا جدي أنهيت كل مراحل التعليم وأصبحت عاطلة قد الدُنيا، أعتِب عليك يا جدي لإنك رحلت قبل أن أكبر وأكون أكثر معرفة لما أُريد معرفته منك، كنت أريد أن تحكي لي عن التهجير وقت الحرب العالمية التانية عندما كنت صغير، أيضًا كُنت أُريد أن تصف لي مصر في الستينات وعن رحلتك في الأقصر وقت تصوير فيلم " غرام في الكرنك "، تفاصيل موافقتك على زواج أبي من أمي " جدتي لا تنفك تحكي لي هذِه الحكاية ولكني أثق أن الحكاية منك ستكون مختلفة "، أبتسم حين أرى ياسمين عبد العزيز لأني أعلم أنك كنت تُحب شقاوتها، لازل في قلبي أحترام لبرنامج " العاشرة مساءًا " لأنه كان برنامجك المُفضّل، أشتاق لك يا جدي، وأشتاق للوقت الذي كُنا نعيشُه معك، رحمِك الله يا جدي وأسكنك فسيح جنّاتُه، كنت نعم الجد ونعم الرجُل. بحبك يا جدو ليل " كما كُنت أُناديك " ..
نسألكم الفاتحة
نسألكم الفاتحة
No comments:
Post a Comment